الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية المنصف بن مراد يكتب: لماذا خان نداء تونس الأمانة؟

نشر في  23 ديسمبر 2015  (08:46)

بقلم منصف بن مراد

قبل الانتخابات الأخيرة كنّا نعتقد أنّ حزب نداء تونس سيجسّم أحلام الديمقراطيين وخاصّة النساء من حرية وحفاظ على الإيجابي من الماضي واستقلال القضاء وحرية الإعلام وتنمية الولايات المهمّشة ودعم جدّي للثّقافة، اضافة إلى حرب شاملة على الارهاب والمتشدّدين  وتنمية اقتصاديّة تفوق الصفرين، وكلّها انجازات ممكنة التحقيق في غضون سنوات..

ولقد صوّتنا أيضا لفائدة نداء تونس حتى تبتعد حركة النهضة عن الحكم، فقد أضرت بتونس على جميع المستويات في الفترة التي اعتلت فيها سدة الحكم، ومن نظام بوليسي مرت البلاد الى نظام شبه ديني ساده العنف والارهاب و قادها  الى الافلاس والدمار والرشوة في اطار منظومة شاملة ومتداخلة.

وبعد الانتخابات التي أسفرت عن فوز النداء ومرشّحه للرئاسة، سلم هذا الحزب اهمّ الوزارات  ـ بما في ذلك رئاسة الحكومة ـ  لأشخاص ليس لهم ماض نضالي ولم يبرز ايّ منهم في الدّفاع عن الحريات أو التنمية الاقتصادية أو العدالة الاجتماعيّة خلال السنوات العشر الفارطة، ليكون ذلك اكبر خطأ استراتيجي ارتكبه ساكن قصر قرطاج..

فعوض ان يقطع النداء مع سلبيات الماضي ويحافظ على ايجابيّاته، أسس لتحالف شبه عضوي مع النهضة التي تخضع لبرنامجها الدّيني وتحالفها مع الحركة الاخوانية العالمية ومصالح الحكومة الأمريكية.. وهنا أذكّر بأنّي لست من الاستئصاليين  لكنّي مع ابعاد النهضة من الحكم الى أن تصبح حركة سياسية وطنية حداثيّة لا علاقة لها بمنظري الاسلام السياسي الدموي وغير الدموي الذي يهدّد مستقبل العرب والمسلمين..

ومنذ أكثر من ستة اشهر وانا أشدّد على انّ حزب النداء يواجه مؤامرة حتى ينقسم الى كتلتين أو يقصى من صفوفه كل من يرفض التحالف مع النهضة بمن في ذلك قياداته الوسطية واليسارية.. لقد نبهنا قايد السبسي بكتاباتنا وتدخّلاتنا،  لكنّه اصبح سجين القصر وسجين مصالح ابنه المدلّل حافظ قايد السبسي الذي بات ضالعا في مخطّط اضعاف النداء وتقسيمه، فضلا عن التقائه بأوردوغان الراعي الرسمي للحركات الاخوانية والداعشيّة،  وكذلك لقاءاته مع بعض قياديي النهضة.. 

كما لا يخفى على متابعي الشأن السياسي انّ هناك رجل أعمال فاسدا له تأثير على الاختيارات الاستراتيجية لحزب النداء.

ومنذ أيّام تأكد انقسام نداء تونس وهو انتصار للنهضة وأيضا لبارونات التهريب وكلّ الأطراف التي جعلت من تونس غنيمة وفريسة للارهاب وبلدا يعاني من افلاس مدمّر.. ويبقى سؤال مطروحا: من تدخل واثّر على وزراء التعليم والصحة والخارجية ورئيس مجلس الشعب وبعض القيادات حتى ينضمّوا الى شق حافظ الذي اصبح مناصرا لتحالف استراتيجي مع النهضة وقد دافع عن هذه العلاقة ـ بكلّ قوّة وحماس ـ نواب ومسؤلون من نداء تونس وكأنّهم اعضاء في حزب الأستاذ الغنوشي.

لقد «خان» الباجي ومجموعة حافظ الأمانة تحت ضغط المصالح ونتيجة ضعف الشخصيّة والرّغبة في الظّفر بمناصب وزارية، هذا دون الحديث عن امكانية «شراء» بعض الذمم! لقد برهن تعنّت الباجي وانقسام النداء أنّ  الأب وابنه حليفان مخلصان للنهضة.

أمّا بعث حزب محسن مرزوق فهو نتيجة لخلافات ايديولوجيّة ولتنامي الطموحات السياسيّة في فريق حافظ  الذي سانده كل من يريد ان يصبح وزيرا  أو خشي ان يفقد منصبه بإيعاز من رئيس الجمهورية.

انّ ما ينتظر محسن مرزوق ليس أمرا هينا، فكيف سيعيد الثقة إلى نفوس النّاخبين والديمقراطيين ويجلبهم الى حزبه؟ كيف سيقنع نساء تونس بأنّه سيستميت في الدّفاع عنهنّ وعن توسيع رقعة حقوقهنّ؟ كيف ستكون علاقاته مع المبدعين وصناع الرأي؟ هل له شبكات في كل الولايات؟ هل له رؤية اقتصادية تختلف عن رؤية المهدي جمعة الذي له توجّه ليبيرالي واضح؟ من أين سيمول حزبه الجديد؟

هل سيجد الوقت الكافي لتقديم قائمات في الانتخابات البلدية المقبلة وخاصّة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة؟ وما هو موقف لزهر العكرمي وعبد الستار المسعودي ومنذر بلحاج علي وعبادة الكافي وبشرى بلحاج حميدة وغيرهم من هذا الانقسام وهل سيؤسّسون حزبا ثالثا أم سينضمّون إلى حزب مرزوق بعد الاتفاق على بعض المسائل الهامّة؟

في الختام ما هي انعكاسات بروز مشهد سياسي جديد على التوازنات السياسيّة واستقرار البلاد:
ـ هل سيقلّص حزب المنصف المرزوقي من عدد ناخبي النهضة وهل سيكون سببا في تحرّكات احتجاجيّة في بعض الولايات ليكسب بذلك المزيد من الانصار؟
ـ كم عدد الأصوات التي سيستقطبها حزب محسن مرزوق من ناخبي أنصار نداء تونس وأنصاره؟
ـ ما تأثير مجموعة العكرمي والمسعودي وبلحاج علي  على السّاحة السياسيّة وكم سيكون لهم من أنصار؟
ـ هل سيقع تأسيس حزب ليبيرالي يجمع بين مهدي جمعةوحزب آفاق؟
ـ وفي كلّ هذا المخاض ما هو وزن الأحزاب الدستورية ودورها؟
ـ هل ستعدّل الجبهة الشعبية بعض مواقفها و«تلين» نسبيا خطابها ونهجها الاقتصادي حتى تتموقع أكثر في الوسط، من أجل استمالة ناخبين جدد؟
كلّ هذه المعطيات ستغير المشهد السياسي في تونس التي تعاني من ميوعة او ضعف الأحزاب «الديمقراطية» ومن آفة الارهاب والانهيار الاقتصادي..